كوكايين
- انا بِحاجتِك، انا بحاجتِه
أغتَسِل بالماء الحار والبارِد والدّافِـئ وخطاياي لا مرءاً لها على أرضِ دشّ الحمّام.
أتكنّث بمِنشَفَتي الممزَّقة كذاكِرة الطُفولة.
أجلِسُ على مِقعد العار أمام مرآةٍ كثيراً ما أصفِن أمامها.
وأُخفي مشاعِري بمَساحيقِ الخَجل وحُمرة الأنوثةِ الكاذِبة التي لا أمتَلك شيئاً من صِباها.
أنثُر على وَجهي ببودرةٍ لعلّها تمحي تجاعيدَ واجِهة وَجهي الملوّث بقاذوراتِ السّهر وقُبلِ اللّيلةِ الماضِية.
أتكحّلُ بدمعٍ يجودُ في جُيوبي المُهترئة التي لا دَنانير بها، وأضع عِطرَ الابتسامةِ السّحريّة الزائفة. ألبسُ الجَورب لأن يصِلَ لخرائطٍ مزرقّةٍ خضراءَ بنفسجيّةٍ حديثةِ العَهد، أُرَبِّتُ عَلَيها بِلُطف، أتأمّل. أتذكّر أحداثَ عنفِ البارحة مِن عجوزٍ كريهٍ كنتُ مِلكَ عشبِ ورقِه. وجميعُها منتهِية الصلاحيّة ككأسِ الويسكي هذا، وكما انتهَت صلاحيّتي عندما باعَني الميتم بدرهمٍ ونصف. أيُّ أسئِلةٍ أُخرى ؟
- "لا. نَعم! لا أَعلم… ؟"
- أيّةُ أوامِر؟
- "لا. الأذيّةُ ليسَت من طبعي."
- و ما موقِعُكَ من الجملةِ إذاً؟
- "لأقل. صديق فضوليّ، يحبّ الكِتابة"
- ببساطة أنتَ صحفيّ.. على الأقل فليَأتوا بمن هو جَديرٌ بتحمُّل رائِحةِ السّيجار، فأنتَ لم تتوقف عن الكحّ منذ أن دخلت..
ولتعلم لأجوبتي هذه ثمنُها.. فلِبَوحِ السّر ثَمنٌ أبهظ!
- "بالطّبع…..
ألم تفكري قط بالهرب؟؟"
- ههههه، عيونٌ مقتَلعة. حالات إجهاض. ٢٠ عميلٍ لليلة. قطعُ آذانٍ و أرجُل. طلقاتُ رصاص. آسفة أنا جدّ جبانة. مَهربي كان مُحاولة انتحار، جُلِدت بعدها وكويتُ بجمرٍ من هذا البيتِ الوديع ولكن ناري كانَت أشدّ لوعة. أكبِتها من الحين للآخر بنَفحةِ كوكايين، كأس ويسكي وكم من سيجارا.
- "هل لكُم ترقيات؟"
- بالتأكيد، حسب الطلب وتفضيل الزبون، فيمكن القول أن مكانتي أصبحت مرموقة في هذا المكان، لي شبه احترام لما أدرُّه من دَخلٍ على أميري.. كل ليلة أهيمُ بالرقصِ على أنغامِ ما يُهديه لنا الغربُ والشّرق.. أترصّد الفرائِس، أخدّر ذاتي، وتبدأ الحفلة في جناحيَ الفَقير أو في غرفة يفضّلها المذكور الذّكر…. أو الأُنثى.
- "لديكِ حلم؟"
- نعم، ان أعودَ الى حِجرِ البراءة. ان أقتلعَ شظايا ذكرياتِ الآن وأبقى حبيسةَ الطفولة. ان أعود ثم لا أعود البتّة. ان أُخلقَ من جديد أو لا أُخلق.ان اتطهر. ان أتحرّر.
أعطني حريتي سيّدي.
- "ما ثمنُ حرِّيَتك؟"
- حريِّتي بلا عنوان،
لأشرح لك ببساطة .. هناك مصير في هذا البيت.. إمّا أن تكدَّ في حِرفَتك أو يَقتُلكَ الملك.
وإن أطلت السّيدةُ على مشارِف شوارِعِ الثلاثينيات وقلُّ الطلب على تراهيلها، أيضا تُقتَل.
وإن أردت إهدائي الحرية فالثمن باهظ… أؤكد لك أنك لن تستطيع دفعه بدخلك الصحفي هذا...
- " ماذا ان أكدت لكِ العَكس"
- ولِم الشّفقة… بَدأت أتشكك مِنك.. ما مصلَحتُكَ مِن هذا كلّه؟؟
- "لا أدري بصراحة"
- أعتقِد، متشكّكة، متأكِّدة، ربما.. لعلّ، ليت، لكنّ، إنّ وأخواتُها… لا مجال لهؤلاء في دفاتري… أنا مُخاطرة وحَدسي يقولُ أنّ خطركَ أهونُ من حياةِ التعساءِ هذِه! فلتفعَل ما تشاء.
إسمُكَ من فضلك؟
- "علاء. اسمي علاء. وانتِ؟"
- أناستازيا


No comments:
Post a Comment