Wednesday, February 12, 2014

كن التغيير الذي تريد ان تراه بالعالم ! بقلم : لبنى الخميس

كن التغيير الذي تريد ان تراه بالعالم!



تتسابق بعض البيوت العربية لاقتناء أفخر أنواع السجاد الإيراني, والأثاث القادم من إيطاليا, والشاشات البلازمية الكورية شديدة الدقة والوضوح, والتحف الفرنسية العتيقة التي تزين زوايا المنزل, كما ويتنافس قاطنوها للحصول على أحدث منتجات آبل الأمريكية من كمبيوترات محمولة وهواتف ذكية تمنحهم شيئا من التسلية حين تباغتهم رياح الملل, كما وتخصص بعض الأسر مساحات شاسعة للحدائق الخضراء وصالات لاستقبال الضيوف وغرف لممارسة الرياضة بمختلف أشكالها, كل ذلك وأكثر تجده حاضرا ً في كثير من البيوت العربية وتحديدا ً السعودية, ويظل الغائب الأكبر رغم أهميته وعظم دوره هي: المكتبة ورفوف الكتب, التي أكاد أجزم أنها ليست في خطة تصميم معظم البيوت الحديثة ان لم يكن جميعها, حيث تلاشت أهميتها مع مرور السنين وباتت ترفا ً لا يجذب شباب أو "شيّاب" هذا الزمان حين لم تصمد أمام طوفان الأجهزة الذكية التي أنتجت لنا جيلا أكثر غباءا ً وبلاهة مع الأسف.
راقب مجموعة من شباب هذا الجيل في مقهى او مطعم, ستجد أمام كل واحد منهم هاتفين احدهم آي فون والآخر بلاك بيري, ولن تهدأ تلك الأجهزة عن اصدار رنين التنبيهات فتلك رسالة من الواتس اب وتلك من توتير وأخرى من الانستقرام, فتصبح الضحية الكبرى هي الجمعة نفسها التي فقدت قيمتها, ولغة الحوار التي تكاد تنعدم حين أصابها الشلل والارتباك جراء سيطرة الأجهزة على عقولهم وحواسهم.
ما يقلقني حقا ً هو شيء اكثر عمقا  وخطورة من ذلك, ألا وهو ضحالة التفكير وشح الثقافة وتواضع مهارات الاتصال والتحليل وسطحية الرؤية لدى جيل عربي خليجي جديد يعيش غربة ثقافية حقيقة.
ففي دراسة اجرتها مؤسسة الفكر العربي عن مدى معرفة الشباب بالأدباء العرب, أظهرت الدراسة ان 57% من الشباب العربي لا يعرفون من هو غازي القصيبي وكانت اجاباتهم "لم نسمع عنه", في حيم هناك عدد آخر لم يسمعوا بعنترة ابن شداد ولا احمد شوقي ولا حتى المتنبي! وهذه النتيجة على الرغم من قسوتها وعارها إلا انها متوقعة في ظل الأرقام المتدنية لنسب القراءة في عالمنا العربي والتي تؤكدها الدرسات التي أظهرت ان متوسط
 ساعات القراءة لدى الفرد العربي لا يتجاوز الست دقائق في العام, مقابل 200 ساعة تقريبا ً في العام لدى الأوربيين.
ولأن الحديث عن المشكلة اسهل من حلها, ولأن الأقوال غالبا ً لا تكفي لحل الأزمات بل تحتاج الى مبادرات وأفعال للمساهمة في أصلاحها والتقليل من وطأتها, ولأن الأسطورة غاندي يقول (كن التغيير الذي تريد ان تراه في العالم), آثرت أن ابدأ في بنفسي, عبر مبادرة شخصية لا أقصد من خلال طرحها في هذه الزاوية التباهي, بقدر ما أطمح لمشاركتها مع قراء هذا العمود الذي أخذت عهدا ً على نفسي أن أجعله صادقا ً يعبر عن آرائي وتجاربي بنجاحاتها وإخفاقاتها. التجربة كانت التطوع لإلقاء عدد من المحاضرات التحفيزية التي تدعو الى القراءة وتنادي بأهمية الإبداع والطموح وصناعة الأهداف لطلاب المدارس الذين أؤمن أنهم وقود الوطن وثروة المستقبل, فتقدمت بطلب لعدد من المدارس والجهات ووجدت منهم حفاوة الاستقبال لفكرتي ومبادرتي المتواضعة, وحين قدمت تلك المحاضرات ونالت نجاحا ً واضحا ًولله الحمد استشفيته من ردود أفعال الطالبات التي أثلجت صدري وأكدت لي أننا نملك ثروة هائلة من الطاقات والإمكانات التي بحاجة الى التحفيز والتوجيه بأسلوب حديث ومختلف.
ومن هذا المنبر أحب أن أشكر مدارس ابن خلدون التي فتحت لي المجال واحتضنت مبادرتي متمثلة بمديرتها الناجحة الأستاذة نادية البراك, ومن قبلها مركز الرعاية الاجتماعية ومدارس الرياض للبنين والبنات فلهم مني عظيم الشكر والامتنان على منحي الثقة وإعطائي هذا الفرصة للتواصل مع بنات وطني وتحقيق حلمي بتقديم شيء ولو بسيط لمجتمعي ووطني الغالي ولله من وراء القصد.
نبض الضمير:
" عندما تصبح المكتبة ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ, عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قوما ًمتحضرين" 

                                                                                         مخائييل نعيمة 

بقلم: لبنى الخميس 

No comments:

Post a Comment