Tuesday, April 29, 2014

عن أي ديمة أتحدث؟.. فهم كُثر!



 لم أتخيل يوما ً حينما اتخذت قرارا ً جريئا ً بترك مقعدي الدراسي في جامعة الملك سعود في الرياض كطالبة حقوق وقتها, والتوجه إلى كلية الشيخ محمد بن راشد للإعلام في دبي تاركة ً خلفي عامين من الدراسة الجادة والمضنية, والساعات الطويلة التي قضيتها في ممرات وقاعات كلية الحقوق والعلوم السياسية, أن القدر سيمنحي هذا الحجم من المتعة الممزوجة بالتعب والجهد والسهر والأهم الشرف بالدراسة على يد نخبة من الأساتذة الذين تعلمت من تجاربهم وآرائهم الصارخة في حضورها والساحرة في إلهامها, كان أحدهم الصحفية القادمة من الأرض والميدان, شغوفة ومتوهجة بحبها لمهنة المتاعب وفرط احترمها لهيبة "صاحبة الجلالة".. متحدثة لا يشقّ لها غبار, تشعر في حضرتها بأن أمام "دِيمات" لا ديمة واحدة فحسب, فعن من هنا أتحدث؟ أأتحدث عن الصحفية الجسورة التي قدمت للسطة الرابعة أغلى سنوات شبابها؟ أم تلك المتحدثة المفهوة التي تحمل وطنها في داخلها أكثر مما يحمله هو في أعماقه؟ أم عن تلك الأم الفريدة التي تصحب ابنها -ذو السنوات الست- أحيانا ً إلى صفوف الجامعة حيث تدرّس؟ أم تلك التي تغار على لغتها كما يغار العشيق على معشوقته؟ تلك التي لا تملك في حضرتها خيارات عديدة.. فإما أن تكون صحفيا ً أو صحفيا ً أو صحفيا ً؟ 
إنها ديمة الخطيب, التي عرفتها من عيون الطالبات اللاتي درسن على يدها يوما ً .. كانت أعينهن تقول الكثير وتفضح حالة احترام لمهنيتها ووفائها لهدفها الأسمى ألا وهو صناعة صحفيات وصحفيين حقيقين أصحاب رسالة ومعنى.. في ظل حالة من التخبط والتدهور في الوسط الإعلامي الغارق في طائفيته وحزبيته حينا ً والمدجج بأموال المموّلين أصحاب المصالح والأجندات أحيانا أخرى -إلا من رحم ربي-.
إن صناعة الصحفي لا تشبه صناعي أي حرفيّ آخر, إنها مشروع إصلاحي بحد ذاته, إن نجحت في زراعته وسقيته من عرق تجربتك   ساهمت بالضرورة في نشر الحق والحقيقة, بل وأحيانا السلام الذي نحن بأمس الحاجة إليه اليوم.. فكما يقول الكاتب الروسي تولوستوي:" الصحافة هي بوق السلام, وصوت الأمة, وسيف الحق, وملاذ المظلوم, ولجام الظالم, إنها تهز العروش وتزلزل المستبدين".
فلذلك, لم ولن تكن مهمة ديمة الخطيب في غرس تلك المبادىء والقيم, وصقل تلك المواهب الغضة أكاديميا ً سهلة, بل أكاد أجزم أنها كانت تعاني الأمرين محاولة ً تقديم عصارة تجرتها إلينا نحن الطلاب ونجحت في مواضع كثيرة في ذلك.. وأعترف بأني تعلمت من (ما لم تقله) ديمة أكثر مما قالته, وما لمّحت إليه أكثر مما صرّحت به.. لا أنكر بأن التجربة الدرسية كانت تشوبها بعض المعيقات والعيوب أهمها هو قصر الوقت وعدم توافر الفرصة دائما ً لمناقشة الأفكار وتطوير النصوص.. فكم تمنيت أن أتعلم من ديمة الصحفية العتيدة والإنسانة قبل ذلك أكثر ولم يمهلني الوقت ولا التركيز على المهام والأعمال الفصلية للاستزادة من ثراء تجربتها مع الأسف.

 شكرا ً ديمة لمساعدة كل "صحفية" بداخلنا لكتابة ملحمتها الخاصة على مدارج الكفاح والنجاح, وسط غابة شائكة من الاحترازات والمستحيلات.. وشكرا ً أكثر لأنك قدمتي لي شخصيا ً صورة شامخة لما يمكن أن تفعله المرأة العربية حينما تمنح الفرصة وتعمل بالأسباب.
أخيرا ً .. هذه ليست سطور تلخص تجربتك أو بالأحرى تجربتنا معك في بكل إضاءاتها كتقليد وداعي جامد.. بل مشاهدات ورؤى طلابية آن لها أن تنشر . فإلى لقاء قريب إن شاء الله 

لبنى الخميس 




No comments:

Post a Comment